صفعة سياسية من كامب ديفيد تخيّب آمال ملوك وأمراء الخليج. صفعة جعلت أركان مجلس التعاون الخليجي ينضبطون تحت سقف المنظومة الأميركية سواء في السياسة أو الأمن. لا تهوّر في الموضوع النووي والملف حصراً بيد أميركا وهي من تقرر أن تذهب فيه إلى التسوية أو الحرب. وهي قررت التسوية، بالتالي لا كلام آخر بعد الآن سوى ما عبّر عنه الأمير القطري بقوله: «كل دول مجلس التعاون ترحب بهذا الاتفاق». وصفعة أخرى موازية في الميادين العسكرية عندما باتت راية المقاومة على ارتفاع 2600 متر عن سطح البحر وسطح السياسة وسطح الاستراتيجيا. وهذا يعني أنّ راية المقاومة وصلت إلى أعلى قمة يمكن أن تصل إليها منذ بداية مسيرة المقاومة الإسلامية عام 1982. وهو أمر يحمل دلالات أساسية أهمّها أنّ على كلّ من دعم الإرهابيين أن ينكفئ سريعاً قبل أن يضيع في أودية القتال أو تنساه معادلات السياسة التي لا تمر على ضعيف إلا ودهسته!
بات من الواضح أنّ معاناة الإرهابيين في القلمون أصبحت أكثر عمقاً، ولم يعد بوسعهم إلا الفرار أو ملاقاة القتل يائسين مفلسين. وكلنا شاهد كيف انهارت العوائق التي بنوها على مدى السنين الماضية بسرعة مذهلة، وانعزلوا في مواجهة الموت الحتمي والهزيمة النكراء أمام أبطال المقاومة الإسلامية.
وأصبح من الواضح اليوم أنّ حقل التوازنات بدأ يتغيّر بصورة جذرية لمصلحة المقاومة، ولاحظ كل من تابع الأحداث خلال الأسبوع الماضي صراخ الإرهابيين المشحون بالغيظ، وخلافاتهم البينية ونداءات أمير الدولة من بعيد الذي يستنهض همم الأموات. ولاحظ الرعاة العرب والغربيين أيضاً أن بهلواناتهم البائسة ودُمَاهم المتحركة على الجبال والسهوب عاجزة عن الصمود وغير قادرة أن تحقق الأهداف. فقط يوعزون لوسائل إعلامهم تجديد حملات الشتم والتضليل والكذب التي لم يتعبوا منها بعد.
مرة أخرى يسطّر المجاهدون في المقاومة نصراً مظفراً ستُحدد أبعاد الصورة المقبلة، الصورة الكلية على مستوى الخرائط والتوازنات والإرادات. كانت العملية في القلمون خطوة ضرورية لإبعاد الإرهابيين عن أرضنا وحدودنا ولو اندفعت خطابات الهجاء من قوى معروفة لا همّ لها سوى تبرير أفعال الإرهابيين والتغطية على جرائهم، وكلنا يعرف أنّ هذه القوى التي رفعت شعارات السيادة هي من أمّن للإرهابيين البيئة للعمل حتى عززوا نفوذهم وتمددوا في مناطق واسعة على الحدود وداخل الأراضي اللبنانية.
إنّ من يعتقد من القوى التي تسمي نفسها سيادية أنّ لبنان سيكون بمنأى عن الخطر التكفيري فهو واهم واهم. إذ ليس ثمة سبيل إلى الحفاظ على الكيان والاستقرار إلا بقطع دابر التكفيريين من غير إبطاء، قطعاً حاداً.
إنّ هؤلاء الذين يقفون على الحياد اليوم، أو أولئك الذين يحرّضون ضد حزب الله لا يعرفون أن قيمة كل قطرة من دماء الشهداء هي حياة لهم ولكل اللبنانيين.
هؤلاء العاجزون الخائفون القابعون في بيوتهم، الجالسون على كراسيهم لا يحق لهم أن يتحدثوا عن السيادة والاستقلال. من يحق له الكلام هم أولئك المجاهدون الأبطال. هم أولئك الذين يحملون أرواحهم على أكفهم، ويمشون بلا خوف ولا وجل ليصنعوا مجد هذه الأمة وكرامتها.
الإجابة عن كل الترّهات ما تقدم منها وما تأخر، نتركها للمجاهدين البواسل في حزب الله والجيش السوري البطل وقوات الحشد الشعبي وكل حر ما زال من موقعه يدافع عن قضية اسمها فلسطين! قضية ستبقى في أذهانهم وأذهاننا وقلوبهم وقلوبنا على رغم دوامات الحرب التي تشتت الأفكار والممارسات.